المادة «140».. لغم دستوري كفيل بإحالة مناطق عراقية إلى جحيم
4-كانون الأول-2022
بغداد _ العالم
ربما تعد المادة ١٤٠ من الدستور، أكثر مادة خلافية لم تتمكن المكونات القومية من التوصل الى خيوط مشتركة تعمل على تسوية الوضع في المناطق المتنازع عليها، والتي تتوزع على عدد من المحافظات، لكن الاعقد تقع في كركوك، شمال البلاد.
واختلفت اراء القانونيين حيال فعالية المادة، لكن الامر الوحيد المتفق عليه أن تطبيقها سيؤدي الى مشاكل "لا تحمد عقباها" في عموم البلد.
المادة 140 من الدستور العراقي، والتي تتضمن خطوات تسوية الوضع في المناطق التي حلت عليها التغييرات الديموغرافية بين عامي 1968 و2003، بحيث تتم هذه التسوية من خلال تطبيع الأوضاع أولاً واجراء تعداد سكاني، وكذلك من خلال اجراء عملية استفتاء لتحديد مصير المناطق المشمولة وبالتحديد محافظة كركوك.
من جانبه، أكد القيادي في تحالف الفتح محمد البياتي، ان تطبيق المادة 140 سيقود لمشاكل وعواقب لا تحمد عقباها في كركوك. ويقول البياتي، ان "مضمون المادة 140 ليست جديدة وكانت موجودة في قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت ولم يجر تطبيقها ثم رحلت الى الدستور ولم تطبق نهاية 2007 لانها مادة خلافية ليس بين مكونات كركوك بل بين كل الاطياف العراقية ولا يدعمها سوى الكرد لغايات معروفة".
ويضيف، ان "اراء القانونيين متباينة حيال فعالية المادة 140 التي لم يجر تطبيقها خلال فترتين بعد 2003 بين من يقول بانها فقدت فعالياتها القانونية وبين من يقول بان هناك مواد اخرى في الدستور لم تطبق لكن بالمجمل بان تطبيقها سيقود الى احتقانات ومشاكل لا تحمد عقباها في كركوك".
بدوره، قال عضو مجلس النواب السابق، وائل عبد اللطيف، أن "الاكراد اكثر المستفيدين من الدستور"
وذكر انه: "عندما كتبنا الدستور وبحضور الاكراد نص على رفض تقسيم العراق"، مبينا أنه "لا يحق للإقليم اجراء الاستفتاء وفق الدستور".
ويشير الى، أن "المادة 140 في الدستور تم فرضها من قبل مسعود بارزاني"، مؤكدا أن "الدستور تضمن 139 مادة فقط، بعد 2008 تمت إضافة المادة 140".
وطالب النائب السابق، بـ"الرجوع الى المادة 126 من الدستور لحل المشاكل مع الكرد".
وبشأن موقف التركمان والعرب من المَادة 140 من الدستور العراقي، فان هناك تباينا كبيرا في المواقف والآراء المتعلقة بالدستور العراقي، حيث وجه العرب والتركمان الكثير من الاعتراضات على محاولات تطبيق هذه المَادة، والسبب وراء هذا الأمر يرجع لكون تطبيقها يعد مخالفة للدستور العراقي، وهذا تبعاً لانتهاء السقف الزمني المحدد للتطبيق، والذي كان في شهر ديسمبر من عام 2017، كذلك يشتكون من التغيير الديموغرافي الذي حصل بعد عام 2003 والذي كان لحساب الأكراد. وبهذا الصدد، شدد النائب السابق والقيادي التركماني جاسم محمد البياتي، على ضرورة عدم تنفيذ المادة 140.
ويذكر البياتي، ان “من الضروري عدم تفعيل المادة 140؛ لان تفعيلها يمثل بداية التقسيم لكركوك، وإزالة التركمان من خارطة العراق، حيث ان تجربة وجود التركمان في أربيل وكفري أدى الى هجرة التركمان الى كركوك او تحولهم الى اكراد، مايمثل تجربة مأساوية للمكون التركماني". ويشير الى، ان “الدستور يجب ان يعدل من دون ان يعتبر التركمان اقلية او كوتا في مجلس النواب، من اجل تمثيلهم بالشكل الأمثل”، لافتا الى ان “عدد التركمان اليوم يصل الى 3 ملايين نسمة وبالتالي فهم ليسوا أقليات، وينبغي ان يعتبرهم الدستور قومية ثالثة".
ويشدد البياتي على ضرورة "وضع مادة في الدستور تمنح التركمان حق الحياة والثقافة والحضور في الدولة بما يتناسب مع نسبتهم السكانية، حيث هناك تحركات لاضافة هذه المادة للدستور وفق التعديلات الجديدة”. موقف الأكراد من المَادة 140 من الدُستور العراقي كان ايجابيا ويسير مع تنفيذها، حيث يجدون في هذه المادة الحل الأمثل للنزاع بين المركز والاقليم حول المناطق المتنازع عليها وحلاً مثالياً لمحافظة كركوك والتي تعتبر من المحافظات الغنية بالنفط، وهذا ما يسير مع مصالح الكرد.
الى ذلك، اتهم عضو مجلس النواب، رفيق الصالحي، اقليم كردستان بمحاولة الاستحواذ على مبالغ مالية هائلة عبر الضغط على اقرار مادة 140 من الدستور العراقي، فيما أكد وجود ازدواجية في التقييم المالي بشأن المهجرين في الجنوب ومهجري كردستان.
ويبين الصالحي، إن "المادة 140 من الدستور العراقي جزء منها يعنى بانصاف المهجرين، والذين يشملون المحافظات الجنوبية كالبصرة وذي قار وميسان وليس فقط المهجرين في اقليم كردستان".
ويلفت الى، أن "التقييم كان ينص على حصول المهجر في جنوب ووسط العراق على 10 ملايين دينار فقط، اما المهجر في اقليم كردستان فتخصص له مبالغ هائلة"، معتبراً هذا "التقييم غير صحيح وفيه غبن للمهجرين في الجنوب".
واتم الصالحي قوله، أن "الاقليم يحاول تمرير هذه المادة لتحقيق مصالح شخصية ليس من أجل خدمة المهجرين باعتبار المبالغ المخصصة الى كردستان كبيرة وضخمة، وغالبا ما تشهد هدرا في المال العام".
ويبقى اقليم كردستان دائما ما يسير باتجاه مغاير للمواد القانونية وحقوق المكونات الاخرى لاسيما التركماني، فهو من ضرب قرارات المحكمة الاتحادية "عرض الحائط" لاسيما بشأن النفط والغاز وغيرها، ويلجا للحكومة المركزية في القوانين التي تخدمه، ويكون اقليماً وشبه دولة عندما تتعلق بقوانين وقرارات تعاكس غايته.