النشاط الأدبي في أوكرانيا
7-تشرين الثاني-2022
بغداد ـ العالم
لا يمكن الكلام عن حدود ثابتة ومستقرة لأوكرانيا. مثلا لوفيف وهي مسقط رأس الشاعر البولندي آدام زاغاييفسكي دخلت تحت السيادة الأوكرانية بنتيجة الحرب العالمية الثانية. وزاد هذه الفوضى تفكك الاتحاد السوفياتي وما أعقبه من نزاع بين كييف وموسكو على ترسيم الحدود. وإذا كانت القرم - مسرح أحداث عدد كبير من قصص تولستوي تتبع روسيا حاليا فقد كانت منذ سنوات قريبة في أوكرانيا. ويجب أن لا ننسى أن تروتسكي كان من أوكرانيا وهو من نجوم الثورة الشيوعية الذين غدر بهم ستالين. وهو بدوره كان بالأساس من جورجيا المقربة في الوقت الراهن من الغرب، والتي تشكل ثاني مصدر للصداع المزمن لموسكو. لكن بشكل عام - كما ورد في موسوعة وكبيديا - بدأ بعض الأدباء الذين يعيشون في مدن تتبع ما يعرف الآن بأوكرانيا بالتخلي عن الواقعية الاشتراكية، منذ السبعينات، وخلال فترة الدولة السوفييتية، تمهيدا للتخلص من دكتاتورية اللون الواحد في أساليب التعبير. ومن هؤلاء الكتاب فاليري شيفتشوك الذي تبنى أسلوبا دراميا نفسيا، وفاسيل زملياك وفولوديمير دروزد اللذان اتبعا طرائق الواقعية السحرية. وظهرت أيضا مدارس أدبية متمردة، مثل مدرسة كييف الشعرية ويمثلها (فاسيل هولوبورودكو، ميكولا فوروبيوف، فيكتور كوردون، ميخايلو هريهوريف)، وحلقة كتاب مدينة لوفيف في غرب أوكرانيا التي أصدرت مجلة سرية باسم «سكرينيا»، وكتب فيها (هريهوري تشوباي، أولي ليشييا، ميكولا ريابشوك، فيكتور موروزوف، أورست يافورسكي، رومان كيس)، وكذلك ظهر كتاب منشقّون مثل إيهور كالينيست. ويعتبر الكتاب المنتمون إلى مدرسة كييف الساخرة (فولوديمير ديبروفا، بوهدان زهداك، ليس بوديريانسكي) من روّاد ما بعد الحداثة الأوكرانية. تأثر الأدب الأوكراني المعاصر بجماعة نيويورك وقوامها زمرة من الكتاب المهاجرين الأوكرانيين، الذين فصلوا السياسة عن الفن بعكس الكتاب الستينيين الذين كان لهم نشاط سياسي في أوكرانيا السوفيتية. وعلى خلفية تزايد حدة الرقابة في عهد بريجنيف ظهرت في الاتحاد السوفييتي منذ السبعينيات ظاهرة الهجرة الداخلية والنأي بالنفس، ما جعل أدبهم منطويا على الذات.
ومع ظهور البيروسترويكا خفّ ضغط الرقابة على الكتاب، وسمح لهم ذلك بتناول المواضيع التي كانت محظورة سابقًا، وأعيد النظر في فرضيات الواقعية الاجتماعية، ونشرت أعمال جيل حداثة العشرينيات (ما يسمى باسم جيل النهضة المؤودة) بالإضافة لنتاج عدد كبير من أدباء الشتات وأدباء الاستنساخ (من كان يطبع بالسر أو بواسطة ألات الفوتوكوبي - كما حصل في حالات معروفة في عهد صدام – من أشهر الأمثلة على ذلك رواية متاهة أخيرهم لمحمد الأحمد. وكما فعلت جماعة العمل الشيوعي التي كانت تطبع بالآلة الكاتبة مجلتها أوراق أدبية وتوزعها بالسر. وكان بين أهم كتابها جميل حتمل ووائل السواح وحسان عزت ورياض الصالح الحسين وخالد درويش...). ومثلما كان أدب الاستنساخ العربي قريبا من اتجاهات ما بعد الحداثة اختار الأوكرانيون هذا الأسلوب وكانت تنتمي له جماعة شعراء "بو با بو" ومن رموزها يوري أندروخوفيتش وفيكتور نيبوراك وأوليكساندر إيرفانيتس.
وكانت بعض مراكز الأدب الأوكراني الجديد بعيدة عن العاصمة كييف، ومنها مثلا «جماعة ستانيسلاف» في مدينة إيفانو - فرانكيفسك، وقد ضمت مجموعة من الكتاب البارزين منهم يوري اندروخوفيتش وتاراس بيتروسانياك وماريا ماكيتسي.
وكان ميكولا ريابشوك شخصية مؤثرة في الأدب الأوكراني في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، فقد ترأس تحرير «سوخاسنيسي»، وهي المجلة الأدبية الأكثر نفوذاً في تلك الفترة. لقد واجهت أوكرانيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عقدًا من التغييرات الاجتماعية الجوهرية، وحل سوق الكتاب الحر محل دور نشر الدولة الذي يسيطر عليه أدباء موالون للنظام. وأدت الملاحقات والإبادة التي شهدتها الحقبة الستالينية في الثلاثينيات إلى حالة قطيعة مع تقاليد الحداثة العريقة في الأدب الأوكراني. وسيطرت على الواجهة فترة سوفييتية اتسمت بالعزلة الثقافية، وبتشكيل فجوة تاريخية عزلت الحاضر عن الماضي. ويركز الكثير من الكتاب المعاصرين على جوانب مظلمة من الحياة، وعلى العنف والأزمات، وهي ردة فعل متوقعة على سنوات الصمت وتنفيذ التوجبهات بعقل بارد وقلب ميت.
شهدت أوكرانيا عدة مهرجانات أدبية، أهمها مهرجان لفيف الدولي، ;ومهرجان ميريديان تشيونوفيتتسي، ولافري كييفسكي.
في الوقت الحالي يكتب الأكرانيون مزيج من الأوكرانية والروسية ومنهم بوهدان زهوداك، وليس بوديرفيانسكي، وفولوديمير ديبروفا، وميهايلو برينيه.
ويكتب عدد من كتاب أوكرانيا باللغة الروسية وأشهرهم أندري كوركوف. كما أن عددًا كبيرًا من كتاب الخيال العلمي الروس المعاصرين هم أوكرانيو الأصل أو ما زالوا يعيشون في أوكرانيا مثل هنري ليون أولدي، وألكسندر زوريتش، ويوري نيكيتين، وأندري فالنتينوف، ومارينا وسيرغي دياشنكو، وفلاديمير آرينيف.