بغداد - العالم
تضع إنجلترا غير المقنعة نصب عينيها بلوغ أوّل نهائي في بطولة كبرى خارج أرضها، عندما تواجه الأربعاء هولندا صاحبة الطموح ضمن تصفيات أمم أوروبا 2024 لكرة القدم في دورتموند.
ويأمل منتخب “الأسود الثلاثة” على الأقل معادلة مشواره في النسخة الأخيرة، عندما بلغ نهائي نسخة 2020 المقامة صيف 2021 بسبب جائحة كورونا، وخسره أمام إيطاليا بركلات الترجيح على ملعب ويمبلي في لندن. وأحرزت إنجلترا لقبا كبيرا يتيما في تاريخها، على أرضها عام 1966 عندما توّجت بكأس العالم على حساب ألمانيا الغربية.
وبدلا من عروض نوعية توقّعها الكثيرون من تشكيلة تضمّ هجوما ضاربا، مع هاري كاين وجود بيلينغهام وفيل فودن وبوكايو ساكا، اكتفى رجال المدرب غاريث ساوثغيت بمرونة أوصلتهم بشق الأنفس إلى نصف النهائي. وبعد صدارة غير مقنعة لمجموعة ضمّت الدنمارك وسلوفينيا وصربيا، أنقذها بيلينغهام بهدف تعادل في الرمق الأخير من المقابلة أمام سلوفاكيا في ثمن النهائي قبل أن تتأهل في الوقت الإضافي.
وفي ربع النهائي احتاجت إلى ركلات الترجيح للتغلب على سويسرا بعد تعادلهما 1-1. ساوثغيت الذي قاد إنجلترا إلى ثالث نصف نهائي في أربع بطولات كبرى، قوبل برمي عبوات الجعة عندما حاول الاحتفال مع جماهيره بالتأهل إلى دور الـ16 بعد تعادل سلبي مع سلوفينيا.
وقال ساوثغيت (53 عاما) الذي يتعرّض لانتقادات حيال تكتيكه المتحفّظ “لا أخفي أن الأمور تصبح مؤذية عندما تتخذ طابعا شخصيا. لا أعتقد أن رمي عبوات الجعة عليك أمر طبيعي”. وتابع المدرب الذي سدّد فريقه 5 كرات فقط على المرمى في 240 دقيقة ضد سلوفاكيا وسويسرا “لكننا في نصف النهائي وأعتقد أنه بمقدورنا منح الناس ذكريات رائعة. سنواصل العمل والكفاح والاستمتاع بهذه الرحلة".
وبعد تعديل خطته في المباراة الأخيرة ضد سويسرا وتحسّن العرض نسبيا من المتوقع أن يتمسّك ساوثغيت بخطة 3 – 4 – 2 – 1 مع عودة مارك غويهي من الإيقاف ليستبدل إزري كونسا. وعبّر مدرّب إنجلترا عن انزعاجه من تلميحات حول وقوع فريقه في الجانب السهل من القرعة، بعيدا عن المنتخبات الكبرى على غرار فرنسا وإسبانيا وألمانيا والبرتغال.
صحيحٌ أنه لم يسبق لإنجلترا الفوز بلقب كأس أمم أوروبا وأنها وصلت في النسخة الماضية إلى النهائي لأوّل مرة في تاريخها ولم تفز بأي لقب كبير باستثناء كأس العالم 1966 التي أقيمت على أرضها، إلا أن توقعات جماهيرها دائما ما تكون كبيرة جدا في أي بطولة، فكيف الحال إذا كانت ترى لاعبي الجيل الحالي بين الأفضل في تاريخ "الأسود الثلاثة".
كومان يعوّل بشكل خاص على المهاجم الشاب كودي خاكبو الذي يُعدّ من أفضل لاعبي البطولة وسجّل ثلاثة أهداف حتى الآن
كومان يعوّل بشكل خاص على المهاجم الشاب كودي خاكبو الذي يُعدّ من أفضل لاعبي البطولة وسجّل ثلاثة أهداف حتى الآن
لم يقدّم الإنجليز الكثير الذي يشفع لهم في بطولة أمم أوروبا الحالية المقامة في ألمانيا، لكنهم بلغوا رغم ذلك نصف النهائي. وبعد الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2018 والخسارة في نهائي بطولة أمم أوروبا صيف 2021 بركلات الترجيح أمام إيطاليا، بدأت إنجلترا هذه البطولة من بين أبرز المنتخبات المرشحة للقب إلى جانب فرنسا التي وصلت أيضا إلى نصف النهائي من دون أن تقنع وبأسلوب لعب ممل على غرار "الأسود الثلاثة".
والآن يدرك ساوثغيت أنه يلعب من أجل “حياته” واستمراره في المنصب حين يتواجه رجاله مع منتخب هولندي مثير سجل في مبارياته الخمس قرابة ضعف الأهداف التي سجلها الإنجليز على الرغم من أن الأخير لعب 60 دقيقة أكثر منه.
ومن أبرز النقاط التي يأخذها الجمهور على ساوثغيت أنه يحجم عن إجراء تغييرات، ما جعل كول بالمر، أحد أفضل لاعبي الموسم في الدوري الإنجليزي، يكتفي بالجلوس على مقاعد البدلاء من دون أن يلعب أي مباراة كأساسي حتى الآن. وعلى الرغم من دوره الحاسم بدا بيلينغهام منهكا بعد الموسم الرائع الطويل مع ريال مدريد الإسباني، فيما ظهر فيل فودن كشبح للاعب الذي تألق مع مانشستر سيتي.
هناك مخاوف من أنه كما حدث في نصف نهائي كأس العالم 2018 ضد كرواتيا (1 – 2 بعد التمديد)، قد تفقد إنجلترا السيطرة على المباراة أمام منافس أفضل منها إذا لم يكن ساوثغيت استباقيا ما قد يجعله عرضة لأكثر من الرمي بعبوات الجعة. وكان الهولنديون، الذين حلوا في المركز الثالث في دور المجموعات خلف النمسا وفرنسا، أكثر حظا بعد وقوعهم أمام رومانيا (3 – 0) ثم تركيا التي تخطوها بصعوبة كبيرة وقلبوا تأخرهم أمامها 2 – 1 في ربع النهائي بعد إدخال المهاجم فاوت فيخهورست.
لن يخشى لاعبو البرتقالي مواجهة نجوم الدوري الإنجليزي، إذ تعجّ تشكيلتهم بمحترفين في أبرز الأندية الكبرى، رغم غياب لاعب وسط برشلونة الإسباني فرنكي دي يونغ بسبب الإصابة. وقال مدافع توتنهام الإنجليزي ميكي فان دي فين "إذا رأيت نوعية لاعبي المنتخبين، بمقدورك توقّع الإيقاع ومستوى المباراة".
ويعوّل كومان بشكل خاص على المهاجم الشاب كودي خاكبو الذي يُعدّ من أفضل لاعبي البطولة وسجّل ثلاثة أهداف حتى الآن. جاءت نصف أهدافه الـ12 الدولية في بطولات كبرى، بعد تسجيله ثلاث مرات في مونديال قطر الأخير. هولندا التي أحرزت لقبا كبيرا وحيدا في تاريخها، في بطولة أمم أوروبا 1998، تخوض نصف نهائي بطولة كبرى للمرة الأولى منذ مونديال 2014 عندما حلّت ثالثة.
التقى المنتخبان آخر مرّة في نصف نهائي الأمم الأوروبية 2019 عندما فازت هولندا 3 – 1 بعد التمديد. وانتهت خمس من المباريات الثماني الأخيرة بينهما بالتعادل بعد تسعين دقيقة. وعلّق كومان، أحد أفراد نسخة 1988، على المواجهة المرتقبة وأوّل نصف نهائي في المسابقة لهولندا منذ 2004 "ستكون أمسية رائعة بين منتخبين كبيرين. ليلة تاريخية". وتابع "هذا أمر مميّز لبلدنا. نحن دولة صغيرة ونخوض نصف النهائي مع إنجلترا وفرنسا وإسبانيا. نحن فخورون حقا. عانينا للوصول لكن فرصة خوض نصف النهائي تُعدّ نجاحا كبيرا".