دواء لعلاج النسيان
16-تشرين الأول-2023

محمد الكاظم

ثورة الجهاد (دگة الشعيبة) 1914-1915 من الثورات المظلومة في العراق فقد عمل المحتل البريطاني على اغتيالها معنوياً، كما عمل قوميو التأسيس على محوها، وعمل التجاهل والتهاون العراقي على اطفاء جذوتها، اما ثورة العشرين فواجهت نفس المصير تقريباً. فقد تمت صياغة ملامح عقل الدولة بمنطق انتقائي يحتفي بأحداث هامشية ويوصلها الى مصاف الثورات والانتفاضات، فيما يقوم بإعدام ثورات حقيقية ويحيطها بمناخ من التناسي والتشكيك لان هناك دائما معسكرين؛ الأول يتحمل الأعباء كلها وينزف الدماء و يضيف عليها الكثير من الهوسات والأشعار الشفاهية، والثاني يتقاسم الغنيمة ويقوم بتدوين التأريخ وكتابته، وفيما بعد تموت الهوسات والأشعار، ويبقى التدوين ويصبح أساساً في مفردات الثقافة
(دگة الشعيبة) سقط فيها 4000 شهيد دفاعاً عن العراق لكنها أُهملت لأنها لم تكن لحظة الشروع المناسبة لمزاج الدولة التي صنعت فيما بعد بمزاج مختلف وثقافة مختلفة، وكانت الجذوة التي بقيت متوقدة لتنفجر في ثورة العشرين التي كان من الممكن ان يصبح مصيرها كمصير ثورة 1914 لولا جهود بعض من كتبوا عنها وأهمهم عمنا علي الوردي الذي قدمها لنا بصورة رومانسية احببناها رغم عدم ارتياحه الواضح لها. من مصادفات التأريخ ان تتعرض اجزاء من العراق لاحتلال تنظيم داعش الإرهابي بعد مئة سنة من احتلال بريطانيا لبلاد الرافدين، وكان من الممكن ان يتغير مسار التأريخ والجغرافيا لولا صدور فتوى الدفاع الكفائي التي استعادت العراق وغيرت المعادلة، ليس في العراق وحده وانما في عموم المنطقة، في ملحمة تأريخية من الصعب ان تتكرر في مكان آخر وظروف أخرى. خلال المعارك مع داعش اُنتجت مئات الأناشيد الحماسية وكُتبت الاف القصائد التي احتاجت المعركة اليها، لكن حس التوثيق والتدوين كان غائباً كالعادة، كما غاب حس صناعة الثقافة اللازمة للاحتفاء بذلك الإنجاز التأريخي، وبعد مدة بسيطة انتهى مفعول تلك الأناشيد والقصائد الحماسية كما انتهى مفعول الأهازيج والقصائد التي أطلقت في ثورة الجهاد وثورة العشرين، وثورة النجف، وثورات الكوت والرميثة وسوق الشيوخ والمشخاب والدغارة وباهيزة بدايات القرن الماضي الخ، فلم ينتج عن المواجهة مع داعش أدب ولا مسرح ولا رواية ولا قصص ولا سينما ولا دراما، ولم تصدر سلاسل كُتب توثق تلك تفاصيل ذلك المنعطف التأريخي، ولم يجهد البحث الاكاديمي نفسه في تقصي تلك اللحظة وتوثيقها، والاعلام مشغول باليومي والعابر ولم يعمل على القيام بمسؤوليته الا في الحدود الدنيا غير المؤثرة في العقل العراقي، ولم يهتم احد بأن تتحول تلك الدماء التي سالت في تحرير الموصل الى وثائق للتأريخ. ولم يعمل أحد الى تحويل تلك الدماء الى رصيد رمزي للعراقيين. هذا التهاون مع هذا الحدث المركزي سيجعل تحرير الموصل شبيها بـ(دگة الشعيبة) بعد بضع سنوات، او مثل (ثورة العشرين) في احسن الظروف، أي يجعله تأريخاً ضبابياً غير مقطوع به وعرضة للتأويلات والطعن والأخذ والرد والتشويه، لذلك أكرر الدعوة الى توثيق ما حصل ودعم الانشطة الثقافية والابداعية التي توثق ما حصل حفاظاً على الذاكرة، فما حصل لم يأت مجاناً، بل كان ثمنه الكثير من الدماء والانتهاكات التي تعرض لها شعبنا بمختلف أطيافه، وثمنه تجربةُ قرون من الحراك الفكري والاجتماعي والسياسي، وعدم توثيق قصص تلك الدماء وظروف تلك المواجهة هو تهاون بحق اصحابها وتقصير بحق من سيأتون في المستقبل، واحراج لمن يريد تكرار نفس التجربة لو دعت الظروف لذلك في زمن ما، وتفريط بزخم سياسي واجتماعي وثقافي يمكن ان يكون محركاً اساسياً من محركات بناء الدولة والمجتمع. اكتبوا تأريخكم فالـ(هوسات) ليست كافية

العراق يفتح بعثات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية
5-أيار-2024
قطاع الكاظمية .. اعمال تاهيل واقع الشبكة الكهربائية
5-أيار-2024
النفط تنفي وجود تسرب نفطي في حقل حمرين
5-أيار-2024
بسبب خطا للطيار.. طائرة العراقية تهبط على مدرج مغلق في طهران
5-أيار-2024
الحكومة لا تدعم مهرجان شذى حسون الدولي.. وفنانون: كرمت أصدقاءها.. وتجهل قيمنا الاخلاقية
5-أيار-2024
تقرير بريطاني: ثلاثة أجسام غامضة تشبه الأجسام الطائرة المجهولة تم رصدها في العراق
5-أيار-2024
رسام الكاريكاتير.. الذي جسد الواقع بأبداع
5-أيار-2024
هل يلجأ العالم مجددا إلى السلاح النووي
5-أيار-2024
ميسي وسواريز يعيدان إلى الأذهان حقبة تألقهما في برشلونة
5-أيار-2024
آنه الما منتمي لأحد
5-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech