رؤية أميركية متشائمة لما سيحدث بعد زيارة الأربعين في العراق
11-أيلول-2022
بغداد ـ العالم
قدم "معهد الشرق الاوسط" الامريكي صورة متشائمة حول المأزق العراقي الحالي، معتبرا انه برغم تراجع البلاد عن حافة الحرب الاهلية، بعد اشتباكات المنطقة الخضراء، إلا أن اقتراب نهاية ذكرى الاربعينية، والشكوك في نتائج الحوار الوطني برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورفض القوى السياسية التنازل والتسوية، بإمكانها أن تدفع العراقيين نحو الاقتتال مجددا.
وبعد الإشارة إلى الاشتباكات التي جرت في 29 آب/أغسطس الماضي، بين قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري بعد اعلان السيد مقتدى الصدر "انسحابه النهائي" من السياسة وإغلاق غالبية مؤسساته.
قال التقرير الأمريكي ان العراقيين أمضوا تلك الليلة "وهم يفكرون في ان البلد كان ينحدر نحو حرب اهلية بين الشيعة".
وفي حين ذكّر التقرير بأن الصدر بإعلانه أن انصاره بحل منه ولن يملي عليهم أفعالهم بعد الآن، اشار الى ان انصاره فسروا ذلك على أنه بمثابة ضوء اخضر لهم لاقتحام المنطقة الخضراء، بما في ذلك القصر الرئاسي ومقر الحكومة والبرلمان، إلا أن الصدر عقد في اليوم التالي مؤتمرا صحفيا نأى خلاله بنفسه عن العنف ودعا اتباعه إلى الانسحاب بشكل فوري من المنطقة الخضراء.
وبعد الإشارة إلى أنه من المحتمل أن يكون قرار الصدر بالتراجع عن شفير الحرب كان بدفع أساسي ناتج عن تدخل مكتب آية الله العظمى علي السيستاني، والى ان الوضع الامني في البلد استقر بدرجة ما، إلا أنه تحدث عن وجود "اتفاق ضمني" بين القادة العراقيين من اجل تهدئة الأمور نسبيا اقله حتى انتهاء زيارة الأربعين، أي في 16 ايلول/سبتمبر، حيث يشارك ملايين الشيعة من كافة أنحاء العالم في إحياء المراسم في النجف وكربلاء. وفي سياق مواز، لفت التقرير إلى ان هذا العنف الطائفي استقطب انتباه الولايات المتحدة، مشيرا الى اتصال الرئيس الأمريكي جو بايدن بالكاظمي وتأكيده على الحوار، والى زيارة المسؤولة الامريكية باربرا ليف الى كل من بغداد واربيل والتي نقلت الرسالة نفسها.
إلا أن التقرير اعتبر أن تأثير هذه الزيادة المفاجئة في الاهتمام الأمريكي على المسار السياسي على الأرض في العراق، ليس مؤكدا، موضحا ان حسابات الكلفة والفوائد تتحدد من جانب الأطراف اللاعبة المحلية، وهي لا تتأثر كثيرا بالتدخلات الخارجية، خاصة من جانب الولايات المتحدة التي كانت، من الناحية السياسية، غائبة عن العمل عراقيا.
اما بالنسبة الى ايران، فقد اعتبر التقرير أنها حاولت التدخل من خلال السعي لتجريد الصدر من شرعيته الدينية من خلال تنحي آية الله كاظم الحائري. ولفت إلى أن لطهران بصمتها الكبيرة في العراق، الا ان الازمة الحالية بين الشيعة اجبرت ايران على القبول بحقيقة أن هناك حدودا لقدراتها في السيطرة على "جارتها".
ومع ذلك، فان ايران بحسب التقرير، هدفها الأقصى هو ضمان وجود جبهة شيعية موحدة داخل العراق، في حين ان "تمرد" الصدر يشكل تحديا من الصعب احتوائه.
ثم اشار التقرير الى جلستي الحوار اللتين عقدهما الكاظمي حتى الان بمقاطعة الصدر لهما، متسائلا "الى اين يتجه العراق"، قبل ان يجيب ان "المناخ السياسي لا يزال متوترا ، مع استعداد كلا الطرفين المتنافسين للجوء مجددا إلى السلاح"، وأن "كلاهما عالق حاليا في طريق مسدود، حيث لا يستطيع أي من الطرفين فرض حل لإنهاء الصراع السياسي".
كما تطرق التقرير الى قرارات القضاء العراقي فيما يتعلق بنصاب الثلثين القانوني، والقرار الاخير من المحكمة العليا برفض حل البرلمان وفق الدعوى التي تقدم بها الصدريون، مشيرا الى ان ذلك يعني أنه "من غير المرجح تسوية المأزق السياسي الحالي من خلال تدخل قضائي".
ولهذا، خلص التقرير الى التحذير بالقول ان ما هو محتمل الان ان فترة ما بعد ذكرى الأربعين، "ستشهد زيادة في العنف الطائفي، بما في ذلك حملة من الاغتيالات المتبادلة لتصفية حسابات قديمة، وزيادة التكاليف التي يتحملها خصومهم في حال استمرار هذا الجمود".
كما خلص إلى أن قدرة الكاظمي على الوصول بالحوار الى نهاية ناجحة مسألة خاضعة للنقاش، مضيفا أنه في حال لم يوافق الصدر على الانضمام الى الحوار الوطني، فإنه لن يحقق اي نتيجة.
وختم التقرير الأمريكي بالقول إن المرجعية الشيعية برهنت في العديد من المناسبات على عدم استعدادها لأن تتوسط في النزاعات السياسية، وأن تدخلها يحدث عندما تتسبب مثل هذه النزاعات بتهديد السلام الاهلي، واجبار كافة الأطراف على الابتعاد عن حافة الهاوية.
والان، يخلص التقرير الى القول انه في ظل عدم وجود وسيط خارجي يلقى الاحترام المتساوي وبامكانه التدخل لقيادة الخصوم نحو حل وسطي، فان الازمة الحالية مستمرة الى حين توصل الزعماء العراقيين الى حل وسط فيما بينهم، محذرا من ان "التحدي على المدى القصير سيتمثل في منع هذا الاضطرابات السياسية، من الانتقال الى حرب اهلية شاملة".