بغداد – وكالات
أشارت تقارير صحفية عالمية إلى أن الهجوم الإسرائيلي على لبنان قد قوض آمال السلام في المنطقة، وأضعف جهود أميركا للتوصل إلى تسوية قبل الانتخابات الرئاسية، كما أنه يهدد محادثات وقف إطلاق النار في غزة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان"، فإن احتمال السلام أصبح بعيد المنال مع الهجوم الإسرائيلي على لبنان، وأن الحرب المتصاعدة والخطيرة محتملة، وأن السلام بات صعبة المنال.
وأشار التقرير إلى أن الهجوم ضربة أخرى على وجه الخصوص للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أصبحت آماله في التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط قبل مغادرته منصبه في حالة يرثى لها.
ومن المرجح أيضا -وفقا للصحيفة- أن يؤثر هذا التصعيد في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومحادثات القاهرة بشأن إطلاق سراح الأسرى.
عودة إلى الوضع الطبيعي ومن جهتها نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين أن الجيش الإسرائيلي كان بالفعل في حالة تأهب قصوى بعد أن رصدت المخابرات الإسرائيلية علامات على تحرك وشيك لحزب الله. ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة، بينما تدفع محادثات وقف إطلاق النار، فإنها عززت أيضا وجودها العسكري في الشرق الأوسط للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل من أي هجوم. في تحليل لصحيفة "هآرتس"، ذُكر أنه بعد الضربة الاستباقية وإحباط هجوم حزب الله الواسع، عادت الأمور إلى الوضع الطبيعي.
وأشار إلى أن بيان حزب الله بأن الرد على الهجوم قد انتهى يشير ظاهريا إلى أن الجزء الأكثر خطورة من التصعيد الحالي قد انتهى.
وأضاف التحليل أن هذا لا يعني أن حزب الله لا يستعد لمزيد من المفاجآت، وأن إحباط هجوم الأحد لا يعني أن سكان شمال إسرائيل أقرب إلى العودة لمنازلهم.
ومن ناحيته اعتبر الكاتب الإسرائيلي يوسي يهوشع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الضربات التي نفذتها إسرائيل ضد حزب الله كانت ناجحة، وهي فرصة لتغيير قواعد اللعبة بحيث تشمل تغيير الوضع في الشمال وعودة السكان إلى منازلهم.
وأضاف أن إسرائيل أحرجت حزب الله أمام مؤيديه وأظهرت للجمهور اللبناني ما ينتظره إذا استمر إطلاق النار على المستوطنات الإسرائيلية.
وحول القدرات العسكرية الإسرائيلية ذكر تقرير في صحيفة "فايننشال تايمز" أنها تطورت منذ آخر حرب خاضتها إسرائيل ضد حزب الله، ولكن الأمر نفسه ينطبق على ما يسمى محور المقاومة المدعوم من إيران، مما يهدد بجعل الصراع التالي -الذي من المحتمل أن يشمل آخرين- أكثر تدميرا.
وأشار التقرير إلى أن الصراع الشامل من شأنه أن يضع الجيش الأكثر تطورا في الشرق الأوسط، الذي يمتلك معدات وأسلحة غربية متقدمة، في مواجهة أقوى حركة مسلحة في العالم، وهي حزب الله، حسب تقديره.
وكان قد أعلن حزب الله أنه شن هجوما جويا بعدد كبير من المسيرات والصواريخ نحو العمق الإسرائيلي، في حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه شن ما وصفها بضربة استباقية لإحباط هجوم الحزب.
ولاحقا، بث حزب الله صورا للقواعد والثكنات العسكرية التي قال إنه استهدفها في المرحلة الأولى من رده على اغتيال إسرائيل فؤاد شكر أواخر يوليو/تموز الماضي. لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن الجيش اكتشف أن حزب الله كان يعتزم إطلاق مئات الصواريخ باتجاه وسط إسرائيل الساعة الخامسة صباحا، لذا تم الهجوم الاستباقي قبل نصف ساعة باستخدام 100 طائرة. البيانات الصادرة عن حزب الله تقول إن الهجوم الذي انطلق صباح اليوم يمثل مرحلة أولى من العمليات التي يخطط الحزب للقيام بها ضد الأهداف الإسرائيلية، وأشارت البيانات إلى أن تفاصيل جديدة سيتم الإعلان عنها بعد قليل في كلمة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. لكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن دكتور هشام جابر قال -في تصريحات للجزيرة نت- "إن ما حدث اليوم هو رد حزب الله المنتظر منذ 3 أسابيع، وقد انتهى، وأنجزت المهمة"، وحتى إسرائيل اعتبرت أنها لن ترد باعتبار أنها قامت بالفعل بهجوم استباقي حدّ من هجوم حزب الله، وفق قولها. ويرى الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد أن حدود رد حزب الله كانت محسوبة بالكلفة الباهظة التي قد تُفضي إلى حرب إقليمية إذا أقدم على خطوة غير مدروسة، ولذلك حرص على ضبط إيقاع المشهد قدر الإمكان من دون الذهاب نحو عمل قد يستفز إسرائيل وداعميها الذين حشدوا قواتهم في الشرق الأوسط. لكن منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية العميد منير شحادة -في تصريحات للجزيرة نت- يرى أن طبيعة رد حزب الله يتوقف على ردة الفعل من قبل إسرائيل، فإن كانت سترد على هذا الرد الأولي فسيقوم حزب الله بالرد الثاني متى تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمر.
كان من اللافت حديث حزب الله عن إطلاق عدد كبير من الصواريخ نحو عمق الأراضي المحتلة، إذ قال إنه شن هجوما كبيرا بالصواريخ والمسيرات، وقال إن عدد هذه الصواريخ تجاوز 320 صاروخا، في حين قالت القناة 12 الإسرائيلية إن حزب الله خطط لإطلاق 600 صاروخ تجاه إسرائيل في هذا الهجوم.
وهذا العدد الكبير من الصواريخ يراه رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات إلهاءً لمنظومتي القبة الحديدية والدفاع الجوي الإسرائيليتين، من أجل فتح المجال أمام المسيرات التي انطلقت نحو الأهداف.