بغداد - العالم
لم تكن عملية الطعن والدهس التي نفّذها فلسطينيان في مدينة رعنانا في منطقة تل أبيب الاثنين، التي أسفرت عن مقتل إسرائيلية وإصابة 17 آخرين، مفاجئة للكثيرين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، فمنذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صدرت تحذيرات عدة من قبل مسؤولين ومراقبين إسرائيليين، من احتمال إقدام أفراد ومقاومين من الضفة الغربية المحتلة على تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية داخل الخط الأخضر، وفي مناطق المستوطنات.
وحذّر مسؤولون إسرائيليون في المستوى الأمني، غير مرة، من احتمال انفجار الأوضاع في الضفة واشتعالها، سواء كان ذلك رفضاً للحرب على غزة، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية وعدم سماح سلطات الاحتلال بدخول العمال الفلسطينيين من الضفة للعمل داخل الخط الأخضر، هذا عدا عن العمليات، والاقتحامات اليومية، والعمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في أرجاء الضفة.
وتضاف إلى ذلك عوامل أخرى، من بينها عدم تحويل إسرائيل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يقود لاعتقاد بعض الوزراء الإسرائيليين، وحتى مسؤولين في الجيش والمؤسسة الأمنية، بأنه يضعف السلطة الفلسطينية، وبالتالي التزامها بالتنسيق الأمني مع إسرائيل.
وشهدت الأروقة الإسرائيلية نقاشات عدة بشأن الضفة الغربية، لا سيما ما يتعلق بإدخال عمال فلسطينيين، بعضها كان حادا داخل الحكومة نفسها وفي المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، وكذلك داخل مجلس الحرب (كابينت الحرب)، وسط خلافات داخلية واضحة بين أقطاب الحكومة.
وانعكس ذلك أيضاً، من خلال تقارير وتحليلات الصحافيين والمعلّقين الإسرائيليين، من قبيل عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس"، الذي بدا أنه يميل للرأي القائل بإدخال العمال، فيما يرى بن درور يميني في "يديعوت أحرونوت" أن لا علاقة بين العمل والإقدام على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل.
ويرى هرئيل، الثلاثاء، أنّ "الرياح في الضفة الغربية عاصفة، ولا حاجة بالضرورة إلى سلاح من أجل الدفع باتجاه خطة فردية لتنفيذ عمليات"، مضيفاً أنه "غالباً ما يتم اعتراض المحاولات داخل حدود الضفة، وتساهم في ذلك أيضاً عمليات الاعتقال المكثّفة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في بلدات الضفة ومخيمات اللاجئين".
ويعتبر الكاتب أن عملية رعنانا ستشكّل "منصة واسعة للجدالات بشأن قضية إدخال عمال فلسطينيين للعمل داخل إسرائيل. ويعارض الشق اليميني في الائتلاف الحاكم ذلك بشدة، خشية وقوع عمليات، ولكن أيضاً بادّعاء أن هذا يندرج في إطار استخلاص العبر"، بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها حركة حماس في 7 أكتوبر، والمزاعم الإسرائيلية بأن عمال غزة الذين عملوا داخل مناطق الغلاف، كانوا أيضاً يجمعون معلومات خدمت عملية "حماس".
ويضيف الكاتب أنّ معظم الأشخاص من الضفة الغربية الذين شاركوا في عمليات في السنوات الأخيرة، "كانوا من المقيمين في إسرائيل بدون تصريح، وأكثر من ذلك، فإن معظم الجهات الأمنية الإسرائيلية تدّعي أنه على الرغم من الظروف الصعبة للحرب، يجب إعادة إدخال عمال من الضفة على الأقل، في إطار عملية تجريبية على نطاق المحدود. ويأتي ذلك في ظل التحذير من أن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية يزداد سوءاً، ويشكل خطراً على استقرار حكم السلطة الفلسطينية، يضاف إلى ذلك التقليصات التي تطاول رواتب عمال السلطة عقب تجميد أموال المقاصة من قبل إسرائيل، بضغوط من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش".
ويذكر في هذا السياق أن "جهاز الأمن العام - الشاباك" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، حذّرا في الآونة الأخيرة المستوى السياسي في إسرائيل من تبعات الأزمة الاقتصادية في الضفة.
وفي هذا السياق اعتبر هرئيل أن "السلطة الفلسطينية، على الرغم مما يحدث في قطاع غزة، لا تزال تحافظ على مستوى من التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتعتقل بين الفينة والأخرى نشطاء من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ولكن في ظل الظروف الحالية، فإن هذه الأمور قد لا تصمد لفترة طويلة، وعندها سيحدث انفجار في الضفة سيجرّ معه أيضاً نشطاء مسلحين من حركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطينية".
على الجهة الأخرى، يعتبر الصحافي والمعلّق السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بن درور يميني، أنه "من المريح للإسرائيليين الافتراض بأن جودة ومستوى الحياة والعمل سيمنعان الفلسطينيين من التعاطي مع الإرهاب".
ويوضح أنه "لم تمضِ دقائق على علمنا بالهجوم القاتل الذي وقع في رعنانا، حتى سمعنا على الفور الجوقة المعروفة، بأن الفلسطينيين في ضائقة. ليست لديهم تصاريح عمل. لأن العمل في إسرائيل، كما نعلم، هو أحد مصادر العيش الرئيسة في الضفة، تماماً كما كان في السنوات الأخيرة العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة".
ويضيف يميني أن "الحكومة ناقشت في الآونة الأخيرة، تجديد تصاريح العمل لسكان الضفة الغربية، وأن مسؤولين أمنيين يضغطون من أجل ذلك، كما يدعم وزير الأمن (يوآف غالانت) هذا التوجه".