غرباء في الليل!
2-أيلول-2023
عامر بدر حسون


اخر ليلة في العام 1978 (وهو عام هجرتي من العراق) قضيتها في مدينة اسبانية (سبتة او مليلية لم اعد اذكر).
كنت مضطرا لقضاء تلك الليلة خارج المغرب كي استطيع تجديد اقامتي فيه.
وصلت قبل الغروب، ولم يكن من السهل الحصول على غرفة في فندق، فحصلت على غرفة في بنسيون تديره سيدة اسبانية تناور الخمسينات من عمرها كي تهرب منها.
كان الليل قد اقترب وانا في سنوات الشباب واشعر بالغربة، وكان الناس في احتفال صاخب وقد اصابني فيض الفرح في الشارع بموجة حزن ووحدة لا مثيل لهما.
وعندما تكون وحيدا في الاعياد تظن ان كل الناس في دفء وفرح والفة !سألتني السيدة ان كنت سأحتفل برأس السنة هنا ام مع اصدقاء اخرين؟
لم تكن بي طاقة على التظاهر بانني اقل وحدة ووحشة مما ابدو عليه، فقلت لها انني وحيد وسأعود بعد قيامي بجولة في المدينة.
عدت وانا اكثر كآبة.. فقد كان كل من حولي "اثنين اثنين" .
كنا تسعة غرباء.. وقد حرمنا جميعا من الصحبة والألفة:
انا العراقي ومغربي وبرتغالي وفرنسيان وايرلندي ونايجيري وهولندي والماني وبأعمار مختلفة.
وكان التفاهم عسيرا في "برج بابل" هذا، لكن السيدة كانت خبيرة في معالجة غربة نزلاء بنسيونها.
كان كل ما تقدمه مدروسا: الطعام والشراب وكمياته وحتى افتعال انخاب كي يتقيد الغرباء بكمية المشروب!
بعد الكأس الاولى طلبت منا ان نقدم انفسنا لبعضنا ومن أي بلد نحن؟ خرجت اصواتنا هامسة، خجولة.. وحين انتهينا من التعريف بانفسنا، هجم الصمت علينا بوطأة اثقل من السابق.
ولا ادري كيف وقفت وقلت شيئا من قبيل اننا هنا اشبه بهيئة امم مصغرة وان هذا البنسيون الذي لا مكان لنا في هذه اللحظة خارجه هو نموذج لكوكبنا الارضي! حصلت على ابتسامة هنا وهزة راس هناك وهمهمات وعدم اكتراث من البعض بعد تعدد الترجمات (الانكليزية والفرنسية والعربية كانت لغة كوكبنا المتداولة للتفاهم). كنا أسرى اسرارنا ووحدتنا في تلك الليلة الصاخبة، لكن السيدة الاسبانية استلمت مبادرتي ببراعة وقالت:
- لكن الموسيقى سيدة لغات العالم.. وعلى هذا سأبدأ الغناء بلغتي وسيغني كل واحد اغنية من بلده وبلغته!
ادارت الكؤوس قبل ان تغني كي تضمن انطلاق الارواح المحبوسة من عزلتها.. وهو ما حصل! بعد اقل من ساعتين كنا قد بدأنا بمغادرة الطاولة والوقوف اثنين اثنين او ثلاثة ثلاثة، وتحطمت الحواجز بيننا بما فيها حاجز اللغة!
فقد كان واضحا ان البعض كان يتحدث بلغته بفرح دون ان يكترث لوجود مترجم وسيط! المهم انه غادر صمته وحذره من الاخرين.
لقد اكتشفنا اننا اصدقاء وإخوة ونشعر بالألفة لوجودنا مع بعضنا، وكانت السيدة الاسبانية تتلقى عناقاتنا المتكررة بحبور، فقد نجحت خطتها في تذكيرنا ان للغرباء حصة في الفرح!
وكلما عصفت بي الوحشة والإحساس العميق بالوحدة تذكرت تلك الليلة. لم اعد شابا كما في تلك الليلة ولم اعد امتلك تلك القدرة على مقاومة الاحساس بالوحدة. كنت يومها اتخيل العالم بأكمله بيتي والبشر كلهم اخوتي (وما زلت الى حد ما) لكنني عرفت قوة الشر والجهل وقدرتهما على زرع الخوف والإحساس بالعزلة عند افراد ومجموعات كبيرة وصغيرة تعيش في بلد واحد وحتى في بيت واحد!
صرت أتمنى عاما اثر عام، ان اوصل فكرة بسيطة للآخرين:
ان لم يكن هذا الكوكب هو بيتنا.. فلا بيت لنا سواه، فلنعامله كما لو كان بيتنا!
اقول هذا واعرف ان الجدران العازلة قد ارتفعت في الوطن الواحد.. وفي البيت الواحد، بل وحتى في هذه الصفحة!
ومنشور اليوم محاولة للصلح مع من ازعجهم منشور الامس والتبس عليهم غرضه.
الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech