بغداد – العالم
أحيت الحكومة العراقية، وبحضور رسمي رفيع المستوى، الذكرى الأليمة لإبادة الشعب الإيزيدي، التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي. وشهدت المراسم حضور رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وعدد من القادة السياسيين والدينيين، إضافة إلى ممثلي السلك الدبلوماسي في بغداد، بينهم سفير أوكرانيا لدى العراق.
وخلال مشاركته في الفعالية، أكد السفير الأوكراني أن "آلاف الرجال والنساء والأطفال الأبرياء الذين قُتلوا أو استُعبدوا أو شُردوا على يد تنظيم داعش لا يمكن أن يُنسوا"، مشيرًا إلى أن "المعاناة التي تحملتها الجماعة الإيزيدية ليست مجرد جرح في قلب العراق، بل جرح في ضمير الإنسانية جمعاء".
وأضاف السفير أن "وحشية داعش تجاوزت حدود المعارك العسكرية، إذ استهدفت هوية الإيزيديين وثقافتهم ووجودهم ذاته"، مبينًا أن مثل هذه الجرائم تمثل "أحلك مظاهر الكراهية والتطرف والاعتقاد بأن القوة يمكن أن تحل محل الحق".
ورسم السفير الأوكراني مقارنة بين الجرائم التي ارتكبها داعش وما تتعرض له بلاده، قائلاً: "كأوكراني، لا يمكنني إلا أن أرى التشابه المؤلم بين فظائع داعش والجرائم التي ترتكبها روسيا الاتحادية ضد شعبي. ففي الحالتين، نرى تدميرًا ممنهجًا للمدنيين، واستخدام الإرهاب سلاحًا للحرب".
وتابع: "الشر لا جنسية له ولا دين. كم هو مذهل التشابه بين إرهابيي داعش وإرهابيي روسيا بوتين، فكلاهما يؤمن أن له وحده الحق في تقرير من يعيش ومن يموت، بل وحتى كيف يعيش الناجون. فكما اختطف داعش الأطفال الإيزيديين للتلقين الأيديولوجي، تواصل روسيا اليوم اختطاف الأطفال الأوكرانيين وتكييفهم قسرًا".
وأشار السفير إلى أن أوكرانيا "تفهم ألم الشعب الإيزيدي لأنها تعيش حربًا غير مبررة تهدف إلى تدمير أمتها"، موضحًا أن بلاده تشهد المدن المدمرة والضحايا المدنيين والأطفال المختطفين يوميًا، وأنها تعرف جيدًا ما يعنيه "أن تستيقظ على أصوات صفارات الإنذار وأن تعيش مع ذكريات الخسائر اليومية".
وأكد أن "أوكرانيا تقف جنبًا إلى جنب ليس فقط مع الشعب الإيزيدي، بل مع المجتمع العراقي بأسره في الكفاح ضد قوى الشر في العالم"، لافتًا إلى أن "المبادئ نفسها التي تطالب بالعدالة لضحايا سنجار تطالب بالعدالة لضحايا بوتشا وماريوبول وكل مجتمع عانى من الإرهاب الروسي".
وشدد السفير على أن "الجرائم يجب أن تُسمى بأسمائها، وأن مرتكبيها يجب أن يعاقبوا"، محذرًا من أن "الصمت واللامبالاة لا يؤديان إلا إلى تشجيع المجرمين على ارتكاب جرائم جديدة"، مشيرًا إلى أن "إبادة الإيزيديين تذكير صارم بأن العالم عندما يدير ظهره، يتقدم الظلام"، وهو الأمر ذاته الذي يحدث اليوم مع استمرار العدوان الروسي.
وفي ختام حديثه، قال السفير الأوكراني: "اليوم نكرم ضحايا الإبادة الإيزيدية، ونعبر عن احترامنا العميق للناجين الذين حافظوا على إيمانهم وثقافتهم، كما ننحني أمام صمود الشعب العراقي الذي رغم عقود من المحن حافظ على تطلعه للسلام".
وأكد أن هذه الذكرى "تعزز عزمنا المشترك على الوقوف كجبهة موحدة ضد التطرف والعدوان والإبادة الجماعية بكل أشكالها"، مضيفًا: "ضحايا الإبادة الإيزيدية يستحقون العدالة، وضحايا العدوان الروسي يستحقون العدالة، والعالم لا يملك الحق في أن يمنحهم أقل من ذلك".
وختم السفير بالقول: "أوكرانيا ستواصل التحدث والتذكر والعمل. نحن نقف إلى جانب شعب العراق والجماعة الإيزيدية وكل من يكافح من أجل عالم تُحمى فيه الكرامة والحرية والحياة نفسها من أيدي أولئك الذين يسعون لتدميرها".