لماذا غاب العراق عن الاجتماع الرُّباعي بشأنِ سوريا؟
10-أيار-2023
نـزار حيدر
١/ خلال الأَزمةِ السوريَّة تشكَّلت لجنة ثلاثيَّة من [روسيا وإِيران وتُركيا] للبحثِ في فُرصِ خفضِ التَّصعيد باعتبارِ أَنَّ هذهِ الأَطراف الثَّلاثة مُتورِّطة بالأَزمةِ بشكلٍ أَو بآخر، سلباً كان أَم إِيجابا وهي مُنسجمةٌ فيما بينِها ولها تأثيرٌ مُباشرٌ على تغيير المُعادلةِ على الأَرضِ.
ولقد عقدت اللَّجنة عدَّة قِمَم حضرَها زُعماء الدُّول الثَّلاث.
٢/ في الأَشُهر الأَخيرة الماضِية شهِدَ الملفِّ السُّوري تسارُعاً كبيراً في ترتيباتِ خفضِ التَّصعيدِ من جانبٍ ومساعي إِعادةِ دِمشق للصَّفِّ العربي من جانبٍ آخر، فكانت زِيارات الرَّئيس الأَسد إِلى عددٍ من دُول الخَليج كما زارت دِمشق عدَّة وفودٍ عربيَّةٍ.
٣/ وكنتيجةٍ لتلكَ المساعي تمَّ توسِعة اللَّجنة الثلاثيَّة لتشملَ الدَّولة السوريَّة فتشكَّلت هذهِ المرَّة اللَّجنة الرباعيَّة والتي بدأَت أَعمالها باجتماعاتِ ممثِّلين عن الدُّول الأَربع والتي ستعقبها اجتماعاتٍ على مُستوى وُزراء الخارجيَّة ثم [رُبما] اجتماعٌ على مُستوى القمَّة، وهو الأَمرُ المنُوط بنتائجِ الإِنتخابات الرئاسيَّة التركيَّة من جهةٍ، وحجمِ التحسُّن في العلاقةِ بينَ أَنقرة ودِمشق من جهةٍ ثانيةٍ.
٤/ ما يثيرُ الإِستغراب هو غَياب العراق عن اللَّجنة الرباعيَّة إِذ كانَ يلزَم أَن تتشكَّل اللَّجنة من [٥] أَطراف بدلاً من [٤] وكانَ على دِمشق وطهران تحديداً أَن تقترِحا ثُمَّ تُصِرّا على إِضافة العراق للَّجنة وحضُورهِ.
وذلكَ لعدَّة أَسباب؛
أ/ العراق وسوريا قاتلا الإِرهاب جنباً إِلى جنبٍ، فكما هو معرُوفٌ فإِنَّ [داعش] تمدَّد إِلى العِراق من سوريا وليسَ من أَيِّ بلدٍ آخر، فالحدُود الطَّويلة المُشتركة بين البلدَينِ جعلتهُما في مصيرٍ واحدٍ وفي مُواجهةٍ واحدةٍ.
ب/ منذُ بداية الأَزمة السوريَّة فإِنَّ العراق لم ينفَك عن الوقوفِ إِلى جانبِ الدَّولة السوريَّة من دونِ تردُّد أَو تلكُّؤ وقد دفعَ ثمناً لمواقفهِ هذهِ.
ج/ لقد اختلطت دماءُ العراقيِّينَ على الأَراضي السوريَّة مع دماءِ السورييِّنَ وبقيَّة حُلفاء دِمشق وهُم يواجهُونَ الإِرهاب ويدافعُونَ عن الدَّولة السوريَّة ويحمُوها من الإِنهيار ويُدافعُونَ عمَّا فيها من مقدَّسات كانَ يُهدِّدها الإِرهاب الذي كان يقفُ على تخومِها.
هذا في الوقت الذي كانت الدُّول الأُخرى تبعث بالإِرهابيِّينَ إِلى هناك، فيما تحوَّلت بعضها إِلى ممرَّاتٍ آمنةِ لمرورهِم عِبرَ أَراضيها بعدَ تدريبهِم وتمكينهِم، ومنها دَولة عُضوة في اللَّجنة الرباعيَّة!.
د/ إِستراتيجيَّة الدَّور الذي لعبهُ العراق في مساعي إِعادة سوريا إِلى الصفِّ العربي وإِلى جامعةِ الدُّول العربيَّة وهو الهدَف الذي باتَ تحقيقهُ قابَ قَوسَينِ أَو أَدنى فالمسأَلةُ مسأَلة وقت فقط بعدَ أَن صدرَ القرار السِّياسي العربي بالإِجماعِ ومِن دونِ أَيِّ اعتراضٍ وبقيَ التَّنفيذ.
هـ/ كما أَنَّ بغداد تربُطها روابطَ حسَنةٍ مع أَطرافِ اللَّجنة الرباعيَّة خاصَّةً طهران ودمَشق اللَّتان كان ينبغي أَن يصرَّا على حضور العراق في هذهِ اللَّجنة.
و/ إِنَّ أَيَّة ترتيبات تخصُّ الملفِّ السُّوري فإِنَّ المُستفيد الأَوَّل منها بعد السوريِّين أَنفُسهُم هم العراقيُّونَ بكُلِّ تأكيدٍ، كما أَنَّ الشَّر والضَّرر الذي أَصابَ سوريا أَصابَ العِراق بشَكلٍ مُباشرٍ، ولذلكَ فإِنَّ حضُور العِراق في أَيَّة ترتيبات وعلى أَيِّ صعيدٍ كانَ هوَ ضَرورةٌ عُضويَّةٌ.
فلِماذا غابَ العراقُ إِذن؟!.
سُؤَالٌ يجب أَن تجيبُ عنهُ وزارة الخارجيَّة العراقيَّة لتتَّضحَ الأُمورُ للرَّأي العام العِراقي على وجهِ الخصُوص، فيفهَمَ ما إِذا كانَ العِراق يحتاجهُ الآخرُون للتَّضحيةِ فقط مِن دُونِ أَن يكُونَ لهُ حضُورٌ عندَ جني الثِّمار أَم ماذا؟!.