لو كانت هناك حرية لما احتجنا.. للحرمل!
9-تموز-2023
عامر بدر حسون

وبما اننا في تموز فلنأخذ امثلتنا من هذا الشهر الفضيل (بالنسبة لعشاق الثورات).
وسنرى: ان الحريات، على قلتها في العهود الملكية تقلصت وبدأت بالتلاشي منذ اللحظة الاولى للثورة:
ففي مصر مثلا، وبعد ثورة 23 يوليو 1952، اوقفت اجازات الصحف والغيت الاحزاب، وبيعت مكاتب وممتلكات هذه الاحزاب بالمزاد العلني، من باب الاهانة لها، واستلم الضباط الاحرار كل شيء في البلد، بما فيها رئاسة تحرير الصحف.. ولم يكن غريبا قراءة اسم انور السادات، رئيس مصر فيما بعد، كرئيس تحرير لمجلة فنية مصرية!
وفي العراق حصل الامر نفسه واستلم الضباط الاحرار رئاسة كل شيء بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 وحملت جريدة الجمهورية اسم عبد السلام عارف (صاحب الخطب المضحكة) كرئيس للتحرير!
واتجه الاعلام في البلدين الى مهمة واحدة هي تمجيد ثورة الشعب المقدسة التي قام بها الجيش المقدس، بقيادة القائد المقدس!
وبسبب غياب الحرية استطاعت الثورة المقدسة التدخل في ابسط خيارات الافراد، ومنها اختيار ملابسهم الشخصية!
وصممت مصر زيا موحدا للعمال والفلاحين والموظفين (بل ان حكومة الثورة صممت زيا معينا حتى للراقصات الشرقيات)!
وقد فشل عرض الازياء هذا فشلا ذريعا لان الثوار لم يعرفوا ان الفلاح في مصر لا يستطيع تغيير جلابيته الا مرة واحدة كل بضع سنين فيما كانت ازياء الثورة تتحدث عن زي صيفي وزي شتوي!
وفي العراق اعلن العقيد فاضل عباس المهداوي ان الثورة تعكف على تصميم زي موحد للشعب العراقي! وبسبب غياب الحرية لم نجد من يرد عليه وعلى مصممي ازياء الثورة بالقول: ان ازياء الشعوب تم اختيارها بعد اختبارها عبر مئات السنين، وان كل زي يمثل رمزا مهنيا او مناطقيا او عشائريا ودينيا وطائفيا!
وبسبب اختفاء حرية الراي وحرية التعبير صدر قانون الاصلاح الزراعي في عدة بلدان نجحت فيها الثورة، ودمر القانون الزراعة فيها، لان احدا لم يستطع ان يخبر الحاكم ان هذا القانون جريمة بحق الزراعة وبحق الفلاح.
ويبدو لي ان زعيمنا قاسم (ذو النوايا الطيبة والراغب حقا بانصاف الفلاحين والفقراء) كانت معلوماته عن الاصلاح الزراعي سطحية وربما كانت مأخوذة من تجربة عبد الناصر بتوزيعه الارض على الفلاحين على ايقاع اغنية "فدادين خمسة" المحتفية بالقرار! ولو كانت هناك حرية راي لوجد من يخبره:
ان العالم يومذاك بدأ يتجه للزراعة الكبيرة وان الشركات الكبرى والدول هي من كانت تخطط للزراعة ونوعها سواء في أميركا او الاتحاد السوفياتي؟
وهو لم يجد، بسبب تكميم الثورة للأفواه من يقول له:
ان الزراعة الفردية لن تخرج عن ان تكون زراعة حدائق تلبي احتياجات العائلة ولا علاقة لها بالإنتاج الزراعي؟! بل ان أحدا لم يستطع تنبيهه ان هذه الاراضي سوف تخرج من خارطة الزراعة لأنه سيتم تفتيتها وتصبح مساحتها تقاس بالاشبار وليس بالفدادين عندما يموت الفلاح ويرثه الابناء وتاليا الاحفاد؟
ولم يجد من يخبره ان الاراضي التي وزعها على الفلاحين باندفاعة انسانية منه ستخرج من اي خطة للزراعة وستتحول بمضي الوقت الى اراض سكنية؟
وبسبب القضاء على حرية الاعلام والتعبير لم يجد من يكتب ومن يذكر له:
ان بداية سنة 1959 (وهي سنة اصدار قانون الاصلاح الزراعي) شهدت خروج اخر شحنة حنطة من العراق الى ايطاليا، لان العراق كان مصدرا للمنتوجات الزراعية، وان نهاية تلك السنة شهدت استيراد العراق وللمرة الاولى في القرن العشرين اول شحنة من الرز البسمتي بسبب تراجع زراعة العنبر في العراق!
الثورات عموما، عندنا في الاقل وفي منطقتنا، تقوم اولا بإلغاء التنوع في الآراء وعندها لن يجد احد الفرصة لإخبار الزعيم والقائد بأبسط البديهيات.
ولن يتجرأ احد على القول ان معالجة مشكلة الإقطاع وتحرير الفلاح تتطلب حلولا مبدعة يشترك فيها المجتمع بنخبه ورجاله الاحرار، والا سينتهي الامر بالعراق، كأكبر مصدر للمنتجات الزراعية في المنطقة، الى بلد يستورد الكرفس والسماق وحتى الحرمل الذي يمكن ان يحمي الثورة من عيون حسادها!
• من صفحة الكاتب في فيسبوك
العراق يفتح بعثات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية
5-أيار-2024
قطاع الكاظمية .. اعمال تاهيل واقع الشبكة الكهربائية
5-أيار-2024
النفط تنفي وجود تسرب نفطي في حقل حمرين
5-أيار-2024
بسبب خطا للطيار.. طائرة العراقية تهبط على مدرج مغلق في طهران
5-أيار-2024
الحكومة لا تدعم مهرجان شذى حسون الدولي.. وفنانون: كرمت أصدقاءها.. وتجهل قيمنا الاخلاقية
5-أيار-2024
تقرير بريطاني: ثلاثة أجسام غامضة تشبه الأجسام الطائرة المجهولة تم رصدها في العراق
5-أيار-2024
رسام الكاريكاتير.. الذي جسد الواقع بأبداع
5-أيار-2024
هل يلجأ العالم مجددا إلى السلاح النووي
5-أيار-2024
ميسي وسواريز يعيدان إلى الأذهان حقبة تألقهما في برشلونة
5-أيار-2024
آنه الما منتمي لأحد
5-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech