مقدمة في علم الاقتصاد الحضاري: «خاتمة»
11-تشرين الأول-2023
محمد عبد الجبار الشبوط
١. موضوع علم الاقتصاد الحضاري:
يتناول علم الاقتصاد الحضاري دراسة تأثير القيم الحضارية والثقافية والاخلاقية على السلوك الاقتصادي للأفراد والجماعات والشركات والدول.
ومن خلال هذه الدراسة، يبحث علم الاقتصاد الحضاري في كيفية تنشيط القيم العليا وتفعيلها لتحقيق افضل استثمار لعناصر الانتاج التقليدية من جهة، وعناصر المركب الحضاري من جهة اخرى.
٢. هدف علم الاقتصاد الحضاري:
يهدف علم الاقتصاد الحضاري إلى فهم وتحليل العوامل الحضارية والثقافية والاقتصادية التي تؤثر في سلوك الأشخاص والأنظمة الاقتصادية والشركات وتطوير نهج شمولي يتيح تنمية المجتمعات وتعزيز الاستدامة الاقتصادية. يدرس بشكل اساسي كيفية تحقيق اكفأ اشتغال للمركب الحضاري وعناصره الخمسة (الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل) ضمن منظومة القيم العليا.
٣. منهج علم الاقتصاد الحضاري:
يعتمد منهج علم الاقتصاد الحضاري على تحليل دقيق للعوامل الحضارية والثقافية والاقتصادية عن طريق استخدام الأدوات والنماذج الاقتصادية المعاصرة، بالإضافة إلى البحوث الميدانية والدراسات الاستقصائية والتحليلية. يستخدم علم الاقتصاد الحضاري كل الوسائل العلمية المعروفة من الملاحظة الدقيقة والاستقراء والاحصاءات والبيانات وغير ذلك.
٤. علاقة علم الاقتصاد الحضاري بالعلوم الأخرى:
يتعاون علم الاقتصاد الحضاري بشكل وثيق مع عدة تخصصات أخرى مثل العلوم الاجتماعية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، وعلم الاقتصاد السياسي، وعلم الاقتصاد السلوكي. هذا التعاون يساعد على فهم أفضل لتداخل العوامل الحضارية في السلوك الاقتصادي.
يرتبط علم الاقتصاد الحضاري بالتفكير وبالتخطيط الاستراتيجي لان التخطيط الاستراتيجي موضوع اساسي في بناء الدولة لاسيما الاقتصاد الذي هو العمود الفقري. التفكير الاستراتيجي يبحث في تحليل نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات وهذه العناصر المهمة في الاقتصاد وبناء الدولة الحضارية.
٥. فائدة علم الاقتصاد الحضاري:
تكمن أهمية علم الاقتصاد الحضاري في تعزيز الفهم للعوامل الحضارية والثقافية التي تؤثر على التفاعلات الاقتصادية واتخاذ القرارات الاقتصادية الفعالة. كما يتيح لنا فهم تأثير الثقافة والتاريخ والقيم على السلوك الاقتصادي والتنمية المستدامة.
٦. إمكانية تطبيق علم الاقتصاد الحضاري:
قد تواجه إنشاء علم الاقتصاد الحضاري بعض التحديات مثل قلة المصادر والأبحاث الحالية في هذا النطاق، وقلة الاهتمام بتطوير هذا المجال في الجامعات والمؤسسات البحثية. لكنه قابل للتطبيق ويمكن توسيعه وتطويره من خلال المزيد من الدراسات والبحوث والاهتمام المستمر به.
٧. التحديات التي تعترض إنشاء علم الاقتصاد الحضاري:
إحدى التحديات الرئيسية هي عدم وجود توافق واضح حول نطاق علم الاقتصاد الحضاري ودوره في التحليل الاقتصادي. كما قد يواجه المجال صعوبة في الحصول على التمويل والدعم الكافي للبحوث والدراسات المتعلقة به.
قد يرد على مقترح علم اقتصاد حضاري اعتراضان.
الاعتراض الاول يقول ان مقترح علم اقتصاد حضاري هو اعادة انتاج وترويج لفكرة الاقتصاد الاسلامي التي روج لها من قبل علماء وكتاب بارزون مثل السيد محمد باقر الصدر. ومنشأ انتزاع هذا القول امران.
الامر الاول التشابه في الكثير من النقاط بين اطروحة الاقتصاد الاسلامي ومقترح علم اقتصاد حضاري، وخاصة في الجانب القيمي من المقترح. والامر الثاني الاستشهادات والاحالات التي ترد في كتاباتي الى مصادر اسلامية وخاصة كتاب "اقتصادنا" للسيد محمد باقر الصدر.
الاعتراض الثاني يرى ضرورة الابقاء على مصطلح الاسلامي لان مصطلح الحضاري يصادر الاول وهذا غير مقبول. والجواب على الاعتراض الاول هو الاعتراف بوجود مساحة اشتراك بين مقترح علم اقتصاد حضاري والاقتصاد الاسلامي. ومساحة الاشتراك هي الجانب القيمي كما ذكرت. ويظهر هذا كما قلت في الاستشهادات والاحالات التي تظهر في كتاباتي الى مصادر اسلامية وخاصة كتاب "اقتصادنا" للسيد الصدر. وهي ليست الاحالات الوحيدة من نوعها فانا اشير الى كل مصدر يعالج الجانب القيمي في الاقتصاد، مثل كتاب "الثقة" للكاتب الاميركي فوكوياما، وكتاب "نظرية في العدالة" للفيلسوف الاميركي جون رولز. لكن هذه المساحة موجودة ايضا في اقتصادات العديد من الدول المتحضرة الاخرى مثل اليابان وهولندا والدول الاسكندنافية. ينطبق عليها وصف اقتصاد حضاري لكن يصعب وصفها بانها اقتصاد اسلامي
والجواب على الاعتراض الثاني هو: لا يمكن الحديث عن علم اقتصاد اسلامي لان العلم يدرس النشاط الاقتصادي في مجتمع معين. ولا يوجد مجتمع حاليا يطبق الاقتصاد الاسلامي برؤيته المذهبية التي طرحها السيد الصدر. وبالتالي فان الاعتراض سالب لانتفاء موضوعه، اصلا.
تم