هات لي رأس رايان غيغز
21-آب-2022
ترجمة/ صالح الرزوق
لم تغمض عيني في الليلة السابقة. ولم أنم لعدة أيام. كانت الغرفة فضاء فارغا فحسب، ولم أعرف ماذا أفعل حياله. ولم أكن أفكر، في تلك السنوات الطويلة في القبو مع غاي، إلا بغرفة خاصة بي. يا ليسوع، كنت أشتمه وأعنفه ليضع حدا لهذا الهراء ويتوقف عن الشخير بصوت مزعج ينغص علي رقادي. ولا أعلم كيف لم يكن يسمع شخيره حتى وهو نائم. والآن أنا بمفردي أسبح بالصمت، وأفكر بما سلف من صخب. كان غاي يرتجف ويتحرك كلما وافاه كابوس، وأذكر صوت صرير النوابض حينما يستمني. والطريقة التي يكلمني بها لساعات متوالية عن المستقبل ويقول: يا مايكي عليك أن تمتلكه وتقبض عليه من خصيتيه، ولا تتركه يفلت منك -!. ثم يسقط بالنوم في منتصف الجملة. والآن وقد رحل. لخمسة ليال متتالية وأنا أستلقي وأفكر. هل كان بمقدوري أن أمنعه؟. وفكرت بسالي هذه التي انتقل ليعيش معها والتي لم أقابلها حتى الآن. فكرت أيضا أن الجو أصبح حقرا وهادئا جدا ولا يشجع على الرقاد والسبات. ثم رن الهاتف وحملت السماعة قبل أن يسبقني أي شخص آخر. قال الصوت: آلو؟. هل أنت جاهز؟.
ارتديت ملابسي على وجه السرعة، وغادرت. حسنا لم يكن يجدر بي أن أفوت الفرصة وأنام، أليس كذلك؟.
كان والدا جاي قد سافرا لأسبوع، ولذلك أصبح البيت الواسع والقديم ملكنا. وحينما وصلت، كان الباب الأمامي مفتوحا، وجهاز التسجيل يعزف بصوت مرتفع. رأيت بقايا سيجارات حشيش على الرصيف. وكان على عتبة الباب علب فارغة من بيرة "بوديز". وحوالي ثمانية أو تسعة شباب يستمعون لموسيقا تلعلع في الصالة، ويشربون البيرة ويتجادلون فيما بينهم حول حلقات الموسيقا. وكان تودي ودافي يلعبان الورق. جلست وتناولت علبة، وفتحتها، وانتبهت لمحور النقاش، ثم قدم لي جاي بعض الحشيش. وتذكرت كلام الوالد - وكذلك وأنا أمد يدي، تساءلت هل سأورط نفسي بعمل في المدينة، أو بترتيبات لم ينظمها النادي. هل أنا واضح؟. هذا إتلاف للنفس وهدر للطاقة. ولكن كما أذكر كنت أركز على المباراة، مباراتي، مباراتي، ولدقيقة أو اثنتين، لم يكن هذا يبدو أنه يكفي ليصنع حياة كاملة. كان غاي قد انصرف. ليعيش مع امرأة. والإشاعات تقول إن اللجنة قادمة في عطلة الأسبوع القادم لتشاهد أداءنا. كيف سأعيش حتى ذلك الوقت دون أن أفقد عقلي؟. أخذت نفسا آخر، عميقا، ونفخت الدخان. ابتسم جاي. قال: أنت تمام يا مايكي. وشعرت كأنني فهمت ماذا يقصد. في تلك الليلة، غضبنا، وتعاركنا وألقينا الأشياء في أرجاء الباحة الخلفية، وأنشدنا أغنية: 'أريد أن أكون محبوبا'. لم أكن أود بيع روحي، فهي في داخلي، وتالعنا الغناء. ثم قال جاي: من يرغب بلعبة البوكر؟. دعونا نلهو، إيه؟. وشعرت كأن مانشستر هي مركز الكون اللعين، وأفضل مكان على كوكب الأرض، وستكون كذلك دائما.
عدت أدراجي إلى البيت قبل موعد استيقاظي بساعتين. ولهذا السبب تأخرت في صبيحة اليوم التالي، وأسرعت بالجري على سفح التلال من أجل الحافلة، وربطة عنق المدرسة بيد، والحقيبة تتأرجح باليد الثانية، ولم أنتبه أنني نسيت صرتي ولذلك سوف يذبحني معلم الرياضة. وآمنت أنها غلطة غاي، ولو كان في البيت لن يسمح لي بالرد على دعوة جاي إطلاقا. أو لعله خطأ الوالد. لو أنه لا يعمل في مكان بعيد لحبسني في غرفتي. إنه التوقيت كما تلاحظ؟. وهذا هو الأسبوع الذي سأفتح به الباب من أجل المساحة البراقة والمشرقة التي ستسطع على كل العائلة. (انتظروا: لو أن الأمر مهم حقا، بحق الشيطان أين اختفى الجميع؟). وأنا أعدو خلف تلك الحافلة، وأضاعف من سرعتي، أضاعفها أضاعفها، فكرت بحفلة الليلة الماضية حينما كنت أكشف أوراقي الرابحة ثم أغرف الرقاقات التي أصبحت من نصيبي. وغلبني الإحساس أنني تحت الرعاية الإلهية، وأن النهاية ستكون كما أرغب. بعد عشرين دقيقة، من التعرق والحرارة، جف فمي وأصبح طعمه مرا. وفقدت المزاج بالاستمرار. كان السيد كوب حينما يلقي التعليمات يقف دائما بظهر منتصب ومرفوع.
أحيانا ينسى أن يقوم بعمله التوجيهي، ويتكلم فقط عن مقدار الغش الذي لحق به وهو في فريق أولمبياد بريطانيا عام 1984. وحينما قلت إنني نسيت حزمتي تصرف كأنني ارتكبت جريمة، ولا أبالغ إذا قلت كان يبدو كأنه موشك على التعرض لأزمة قلبية.
انفجرت بالضحك. ولم أتمكن من منع نفسي من القول: افعل ما بدا لك يا مغفل. ولم لا؟.
في الأسبوع القادم يمكنني أن أتحرر من هذا المكان العائم، ومن هؤلاء الناس الفارغين - ولكن كوب عليه اللعنة فقد أعصابه. ودخل بنوبة بصاق ونواح. كنت عمليا قلقا. فقد كان أخوه الكبير على الأرجح بعيدا عنه. ولعل والده يعمل في نيو كاستل كل أيام الأسبوع.
سألته: هل أنت بخير يا سيدي؟. جر كوب كرسيا وجعلني أقف فوقه. أمسك بذراعي ودفعني لأصعد عليه. واقترب. وكان وجهه محمرا. قرمزيا. وعلى وشك أن ينفجر.
مقتطفات من رواية Bring Me the Head of Ryan Giggd
روج غلاس Rodge Glass روائي وناقد اسكوتلاندي. يعمل أستاذا للأدب ااحديث في جامعة ستراثكلايد./ الترجمة بالاتفاق معه.