ءبغداد – العالم
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط، تتجه الأنظار إلى الوضع المالي للعراق ومدى استقراره خلال العام الحالي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في تصريحات لـ"بغداد اليوم" أن الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي العراقي "مطمئن"، ولا يوجد تخوف من أزمة سيولة خلال هذا العام.
وأشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سيظل مرتفعًا، مما يعزز الاستقرار المالي للعراق، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، لكن في ظل التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، يطرح السؤال نفسه: هل يمتلك العراق فعلاً استراتيجية مالية متينة تحميه من أي صدمات اقتصادية مفاجئة؟
يشير مظهر محمد صالح إلى أن البنك المركزي العراقي يدير الاحتياطات النقدية بكفاءة، مما يضمن استقرار السيولة المالية، ويعد الاحتياطي النقدي ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار سعر الصرف وضمان القدرة على تلبية الاحتياجات المالية للدولة.
وفقًا لمصادر حكومية، فإن احتياطي البنك المركزي تجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وهو رقم يُنظر إليه على أنه "مطمئن" من قبل الخبراء الماليين، لكن الاعتماد الكلي على هذا الاحتياطي قد يكون سلاحًا ذا حدين، خاصة إذا تعرض الاقتصاد لضغوط غير متوقعة، مثل تراجع أسعار النفط أو أزمات سياسية تؤثر على الاستثمارات الداخلية والخارجية.
أسعار النفط: عامل استقرار أم تهديد؟ أكد صالح بأن أسعار النفط لن تنخفض إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، معتبرًا ذلك أمرًا إيجابيًا للعراق الذي يعتمد على الإيرادات النفطية لتمويل موازنته العامة، لكن مراقبين اقتصاديين يحذرون من أن الأسواق النفطية تتسم بعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة واحتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي. وتاريخيًا، شهد العراق أزمات اقتصادية حادة عند انخفاض أسعار النفط، كما حدث في 2014 و2020، مما أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية واللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الموازنة، لذا، فإن أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط قد يعيد العراق إلى سيناريوهات مماثلة. أشار المستشار المالي إلى أن الإيرادات غير النفطية "تسير بشكل صحيح"، في إشارة إلى محاولات الحكومة تعزيز مصادر الدخل الأخرى، مثل الضرائب، والجمارك، والاستثمارات في القطاعات غير النفطية. ومع ذلك، فإن الإيرادات غير النفطية لا تزال تشكل نسبة صغيرة من إجمالي الدخل الوطني، ما يثير تساؤلات حول جدية الحكومة في تحقيق التنويع الاقتصادي، ويرى بعض المحللين أن العراق بحاجة إلى إصلاحات هيكلية جادة في قطاعي الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى تعزيز مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما لم يتحقق بشكل ملموس حتى الآن.
في تصريحاته، أوضح صالح أن العراق تجاوز أزمات كبرى مثل الإرهاب وجائحة كوفيد-19، مما يجعله أكثر قدرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، لكنه أقر في الوقت ذاته بأن "انهيار الاقتصاد العالمي أو انخفاض أسعار النفط خارج إرادتنا"، وهو اعتراف ضمني بأن العراق لا يزال عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية.
وتكمن التحديات التي قد تؤثر على الاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة، في التوترات السياسية والأمنية.