هل يدخل حادث مصيف برخ ضمن أجندات القوى الكردية؟
23-تموز-2022
باريس ـ سلام عادل
في مصيف معزول يقع شمالي زاخو في محافظة دهوك، يفتقد لابسط أنواع الخدمات، تقوم شركات سياحية محدودة بنقل مصطافين من مناطق بغداد وجنوب العراق الى هناك، رغم التحذير بعدم دخول تلك المناطق الحدودية، لكونها تشهد عمليات عسكرية متكررة على مدار أيام السنة.
وكما يبدو أن هذه الشركات تقوم بمثل هذه الرحلات الى تلك المناطق البعيدة والوعرة والخطرة باسعار رخيصة جداً، من بينها شركة عراقية مسجلة في (جمهورية ارمينيا وجمهورية اذربيجان)، وهاتان الدولتان بالطبع لديهما نزاعات دائمة مع الجمهورية التركية.
وقد أعلنت معظم الشركات السياحية بعد وقوع الحادث الى إيقاف رحلاتها لمصايف محافظات دهوك، والتي تقع ضمن مناطق نفوذ (البارتي/ الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذي يتولى رئاسة الإقليم، وهو ما سيؤدي الى تغيير مسار السياحة نحو مصايف محافظة السليمانية التي تقع ضمن مناطق نفوذ (اليكتي/ الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي يتولى رئاسة الجمهورية العراقية.
وشهدت محافظة دهوك خلال فترة العيد فقط توافد 100 الف سائح، وهو ضعف الرقم الذي كان مقدراً، بحسب تصريح (جيا أمين) مدير سياحة زاخو، وسط توقعات بارتفاع الاعداد الى ما يزيد على 250 الف سائح، الأمر الذي سيشجع على زيادة الاستثمارات السياحية لتكون المنطقة مؤهلة لاستقبال ما بين 500 الى 600 الف سائح خلال العام المقبل.
وتتعرض العلاقات بين (البارتي + اليكتي) الى اهتزازات دائمة وتنافس على (الثروة والنفوذ)، وقد دخل الحزبان منتصف التسعينات في حرب أهلية طاحنة وصفت في حينها بحرب (الففتي ففتي) على خلفية النزاع على واردات (معبر ابراهيم الخليل) أدت الى تدخل نظام صدام عسكرياً لحسم الصراع لصالح (البارتي)، فيما احتمى (اليكتي) بايران، وهو ما جعل فرنسا تتدخل بمبادرة مصالحة بين الحزبين انتهت بالاتفاق على تقاسم السلطة والمناطق.
وتحتفظ فرنسا دائماً بحق التدخل في المناطق الكردية شمالي العراق، باعتبارها مناطق تقع ضمن دائرة نفوذها وفق اتفاقية (سايكس - بيكو)، التي تم بموجبها تقاسم تركة الدولة العثمانية بين بريطانيا وفرنسا، كما تعتبر فرنسا العدو اللدود لتركيا في الاتحاد الاوربي، وهي السبب الرئيسي الذي يحول دون دخول تركيا في السوق الاوربية المشتركة، مع كون الدولتين عضوين في (حلف الشمال الاطلسي/ ناتو).
وسبق حادث (مصيف برخ) بيوم واحد اجتماع قمة ثلاثية شاركت فيه (ايران وتركيا وروسيا) وجاءت هذه القمة على ما يبدو كردٍ على اجتماع سبقها بوقت قليل عقد في الرياض ضم 9 دول عربية مع امريكا لمناقشة قضايا المنطقة ومحاولة فرض توازنات جديدة.
وعلى ما يبدو ان العراق الذي لم يشارك في اجتماع القمة الثلاثية، في الوقت الذي لم يكن له دور مؤثر في اجتماع (9 + 1)، باستثناء محاولات من قبل (برهم صالح + مصطفى كاظمي) للحصول على تجديد لولايتيهما بأي طريقة كانت، حتى ولو عبر الانحياز للمحور الغربي على حساب دول الشرق، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة من ضمنها امكانية تورط جماعات مسلحة تابعة لحزب برهم صالح في أحداث المصيف.
وتكشف نتائج تحقيق الوفد الأمني الرفيع الذي ذهب من بغداد برفقة وزيرة الخارجية الى (مصيف برخ) عن وجود قصف نتيجة سقوط (أربعة قنابر هاون عيار 120) الذي يبلغ مداه في أقصى حد (6 كيلومتر)، ويعد هذا السلاح من اكثر الاسلحة استخداماً لدى البيشمرگه، الأمر الذي يجعل فرضية تورط الجيش التركي بالقصف من خلال مدفعية عيار 155 او من خلال قصف بطائرة مسيرة من الاحتمالات المستبعدة، ومع ذلك، ليس من المفهوم لماذا يتحفظ الوفد الأمني في إعلان نتائج التحقيق رغم تسبب ذلك في إرباك المواقف أكثر !!!.
وتزداد الشكوك بضلوع حزب برهم صالح في مخططات من هذا النوع من ناحية توقف المباحثات السياسية الخاصة باختيار رئيس جمهورية جديد، ويأتي ذلك بعد أن جرى الاتفاق يوم الاثنين الماضي بين زعماء الكتل على عقد جلسة برلمانية يوم السبت مخصصة لهذا الغرض، لكن وبعد ما جرى في (مصيف برخ) تحول الموعد الى جلسة لمناقشة موضوع التدخل التركي.
واللافت للانتباه أن برهم صالح أول من اتهم الاتراك بقصف المصيف عبر تغريدة على تويتر قبل أن تبدأ أي تحقيقات، في الوقت الذي احتشدت على وجه السرعة جيوش الكترونية ومواقع ممولة من الحكومة لتبني هذا الرأي تحديداً دون غيره، بل ومهاجمة كل من يقوم بمخالفته، ولم يتم إعارة الاهتمام لأي رأي رسمي اخر بما فيها رأي قيادات (البارتي) الذين طالبوا باجراء تحقيق تشترك فيه تركيا.
وعبرت قيادات سنية بارزة عن احتمالية تورط حزب الـPkK في عملية القصف بما يتفق مع الرواية التركية الرسمية، لكن لم يتم إعارة الانتباه لهذه المواقف بما فيها موقف زعيم كتلة تقدم الذي أشار لتورط (مافيات).
وحتى هذه اللحظة مازال الانفعال العاطفي وحده يتسيد الموقف، وسط دعوات بإيقاف التبادل التجاري ومقاطعة البضائع التركية التي تعد الأنسب للشرائح الفقيرة داخل الأسواق. فيما تزداد الخشية أكثر من تورط (فصائل المقاومة الشيعية) بنزاع عسكري غير محسوب مع الجيش التركي تكون نتائجه مؤذية ومدمرة للبلدين المسلمين الجارين.