وبدأت اتصرف كبعثي!
20-آب-2023
عامر بدر حسون

غادرت كازابلانكا باتجاه العاصمة الرباط بعد ايام من وصولي للمغرب في 2 عشرة 1978.
اتخذت هذا القرار بعد لقائي برئيس حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي) وصاحب جريدة "البيان" المرحوم علي يعته. اخبرته انني لا احمل رسالة من الحزب الشيوعي العراقي كي اعمل في الجريدة. فقال انه لا يستطيع الاعتماد على كلامي لكنه سيلتقي بعد شهرين او ثلاثة بالرفيق عزيز محمد ويساله عني وعندها سيتخذ القرار. ولأني جديد على المنفى ولا شيء واضحا امامي، فقد اعتبرت ذلك الوعد المبهم املا واضحا وكبيرا فخرجت من الجريدة وانا اغني مع عبد الحليم حافظ :
"وحياة قلبي وأفراحو"! لا اتذكر كيف حصلت على غرفة ممتازة في قلب العاصمة بشقة السيدة (عائشة الحرّاق).
كانت شقة نظيفة وانيقة مثل صاحبتها، والتي كانت تجلس دائما كأميرة متوّجة على رعاياها وبالزي المغربي.
ولم يكن من رعايا لهذه الاميرة سوى فاطمة وفطيمة وانا..
وهي قالت انهما بناتها.. لكنها في اليوم التالي اخبرتني ان فطيمة ليست ابنتها وانها تشتغل وتنام عندها لإعالة طفلها مجهول الاب!
و سألتني في اليوم التالي: لماذا تخسر اموالك في المطاعم؟
اعطني مبلغا شهريا وسأجعل فطيمة تقدم لك ثلاث وجبات يوميا وستغسل ملابسك وتعتني بغرفتك. وهذا اسمه الحظ الحلو لمن لا يعرف شيئا عن الطبخ او غسيل الملابس. كانت موجات الحرية المتلاطمة ترفعني كل يوم باتجاهات متضاربة.
و في تجوالي في المكتبات كنت اجد حتى الكتب الممنوعة في العراق، وكانت دور السينما تعرض الافلام دون اقتطاع المشاهد الفاضحة فيها.. وكانت الصحف تهاجم الحكومة بالاسم وبالتفصيل وتدعو للتظاهر والاضراب وتنفذه. وحتى المقاهي كانت تبعث لي برسالة ملتبسة عن الحرية اذ طالما كنت اقرا فيها هذا "الرجاء الودي" الملصق على جدرانها:
الرجاء الامتناع عن تدخين الحشيشة والكيف!
وكنت اتساءل: اهذا هو النظام الملكي الذي تربيت على انه رجعي ومتخلف؟ وكانت تلك الموجات تغسل روحي، شيئا فشيئا، من الخوف، حتى شعرت انني عملاق وجبار.. بل انني صرت "عدوانيا" بعض الشيء! وبدت لي الحرية وكأنها قدرتي ان افعل ما اشاء، بل وان اثبت للآخرين انني قوي! فهذه لعنة المجتمع الذي غادرته والذي لا يعترف بغير القوة مظهرا من مظاهر تاكيد او اثبات "الرجولة"!
وكنت بدأت هذه "المرجلة" الفارغة في الطائرة عندما اصبحت خارج الاجواء العراقية، فرفعت صوتي على احدى المضيفات كما يفعل أي بعثي يريد اثبات وجوده! وصرت اقول لنفسي ان المجتمع المغربي هو مجتمع جبان، فكل مشكلة احاول افتعالها كان يتم حلها بكلمة "لا باس" واعتبرت هذا جبنا وليس رقيا كما هو في الواقع!
وكنت في كل حركات الضياع هذه اقع تحت وطأة شعور مخز كلما داهمني بيت شعر للمتنبي:
"واذا ما خلا الجبان بارض
طلب الطعن وحده والنزالا"!
وكنت اقنع نفسي انني لم اكن جبانا يوم كنت في العراق وانما كنت خائفا! ولم اعرف حينها كيف اثبت هذا الفارق لنفسي لكن اللعب باللغة والكلمات طمأنني لوجود فارق.
رغم كل ذلك اخترت وسيلة اثبات غريبة لبطولتي وهي مغادرة كل هذا الجمال والذهاب برجلي الى بيروت، حيث الحرب الاهلية والعيش بين متفجراتها لعامين!
والان فإنني اعتقد انني كنت اتصرف بشكل طبيعي يناسب أي انسان يجري الخوف العميق في اوردته وشرايينه، وهو ما ان تتاح له فرصة استخدام القوة حتى يستغلها ليثبت للآخرين انه صاحب سلطة، وانه سيبدأ بتقليد سلطة وتعسف المخلوق البعثي او العامل في اجهزة الامن.
ولعلي تصرفت مبكرا جدا كما تصرف المجتمع العراقي بعد زحف صدام الى الحفرة في 2003.
العراق يفتح بعثات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية
5-أيار-2024
قطاع الكاظمية .. اعمال تاهيل واقع الشبكة الكهربائية
5-أيار-2024
النفط تنفي وجود تسرب نفطي في حقل حمرين
5-أيار-2024
بسبب خطا للطيار.. طائرة العراقية تهبط على مدرج مغلق في طهران
5-أيار-2024
الحكومة لا تدعم مهرجان شذى حسون الدولي.. وفنانون: كرمت أصدقاءها.. وتجهل قيمنا الاخلاقية
5-أيار-2024
تقرير بريطاني: ثلاثة أجسام غامضة تشبه الأجسام الطائرة المجهولة تم رصدها في العراق
5-أيار-2024
رسام الكاريكاتير.. الذي جسد الواقع بأبداع
5-أيار-2024
هل يلجأ العالم مجددا إلى السلاح النووي
5-أيار-2024
ميسي وسواريز يعيدان إلى الأذهان حقبة تألقهما في برشلونة
5-أيار-2024
آنه الما منتمي لأحد
5-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech