بغداد _ العالم
تشهد الساحة السياسية العراقية، مع اقتراب استحقاقات تشكيل السلطة التشريعية والتنفيذية، حراكاً مكثفاً داخل قوى الإطار التنسيقي، في محاولة لحسم المناصب السيادية، وفي مقدمتها رئاسة البرلمان ومنصب رئيس الوزراء، وسط تباينات واضحة في الرؤى والمواقف، وتداخل بين التوافق والتنافس.
وكشفت معلومات حصلت عليها "العالم" عن وجود قبول جزئي داخل قوى الإطار التنسيقي بمنح منصب النائب الأول لرئاسة مجلس النواب إلى تحالف خدمات، وهو ما أكده بشكل غير مباشر المتحدث باسم التحالف، حسام الربيعي. وقال الربيعي، إن التحالف أبدى رغبته في أن يكون المنصب من حصته، وجرى طرح الموضوع في نقاشات داخلية غير معلنة مع بعض قوى الإطار، التي أبدت بدورها مرونة أولية تجاه هذا المطلب، لافتاً إلى أن الملف سيُطرح رسمياً خلال اجتماع الإطار التنسيقي المقرر مساء الاثنين 22 كانون الأول/ديسمبر 2025. ويعكس هذا التطور محاولة الإطار التمهيد لتوزيع الاستحقاقات البرلمانية بما يضمن توازنات داخلية، ويمنع انتقال الخلافات إلى مرحلة مبكرة قد تعرقل استكمال تشكيل مؤسسات الدولة.
بالتوازي مع ملف رئاسة البرلمان، يبقى منصب رئيس الوزراء العقدة الأكبر داخل الإطار التنسيقي. وبحسب الربيعي، فإن الاتفاق لم يُحسم بعد على اسم محدد، مع بقاء التنافس محصوراً بين ثلاثة أسماء رئيسة:
محمد شياع السوداني، نوري المالكي، حيدر العبادي
وأوضح أن الإطار ترك مساحة لهؤلاء المرشحين للتفاهم في ما بينهم، على أمل الوصول إلى مرشح توافقي، وفي حال فشلهم، ستتجه بقية قوى الإطار إلى تقديم مرشح آخر للتصويت عليه.
وفي خطوة لافتة، كشفت مصادر داخل الإطار التنسيقي أن المرشحين الثلاثة الأبرز لن يحضروا اجتماع الإطار المقرر مساء الاثنين، استجابة لرغبة القوى الأخرى.
وبحسب مصدر خاص، فإن غيابهم يهدف إلى منح النقاش «الأريحية المطلوبة» وضمان حرية الاختيار، بعيداً عن الضغوط السياسية أو الرمزية التي قد يفرضها حضورهم.
ويرى مراقبون أن هذا الإجراء يعكس حجم الانقسام داخل الإطار، ومحاولة احتواء الخلافات قبل أن تتحول إلى صراع علني يضعف موقعه التفاوضي أمام بقية القوى السياسية.
وفي هذا السياق، تعقد قوى الإطار التنسيقي اجتماعها في منزل نوري المالكي، وفق ما نقلته وكالات انباء محلية، بهدف حسم هوية رئيس الوزراء المقبل.
وأشار المصدر إلى أن الاجتماع سيبحث ثلاثة سيناريوهات:
الاتفاق على أحد المرشحين الثلاثة.
اللجوء إلى التصويت في حال تعذر التوافق.
طرح «مرشح تسوية» من خارج الأسماء المتداولة، إذا فشلت الخيارات السابقة.
وبيّن أن حظوظ السوداني، رغم بقائها قائمة، تواجه صعوبات حقيقية بسبب إصرار المالكي على عدم تجديد ولايته، إلى جانب تحفظات بعض الزعامات الأخرى، ما يعزز احتمال الذهاب إلى خيار بديل.
ملفات حساسة على الطاولة
ولن يقتصر اجتماع الإطار على ملف رئاسة الحكومة، إذ من المقرر مناقشة ملف حصر السلاح بيد الدولة وتداعياته السياسية والأمنية، ومصير الفصائل المسلحة، وآليات التعامل مع الجهات الرافضة لهذا التوجه، بما يعزز مفهوم السيادة وهيبة الدولة، فضلاً عن ملفات أخرى مرتبطة بالمرحلة المقبلة.
في خضم هذا المشهد، طرح ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة محمد شياع السوداني مبادرة سياسية شاملة، تهدف إلى حسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد. وتركز المبادرة، بحسب بيان رسمي، على التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري، مع التعهد بعرض تفاصيلها أمام قوى الإطار في اجتماع مرتقب، سعياً لتشكيل حكومة «مستقرة وفاعلة».