بغداد _ العالم
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن طهران لا تثق مطلقاً بالولايات المتحدة كطرف مفاوض، معتبراً أن التجارب السابقة أثبتت افتقار واشنطن للمصداقية في مختلف الملفات الدولية، مشدداً في الوقت ذاته على أن بلاده، رغم هذا الانعدام في الثقة، ما زالت تحاول استنفاذ المسارات الدبلوماسية المتاحة. وأوضح عراقجي، في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، أن فقدان الثقة بالإدارة الأمريكية تراكم بشكل تدريجي نتيجة سلوكها في جولات التفاوض السابقة، مشيراً إلى أن إيران خاضت تلك المفاوضات دون أوهام، وانطلاقاً من فهم دقيق لعدم صدق الجانب الأمريكي.
وفي معرض حديثه عن التوترات الإقليمية، كشف وزير الخارجية الإيراني عن كواليس دبلوماسية أعقبت استهداف إيران للقاعدة الأمريكية في قطر، مبيناً أن طهران تواصلت حينها مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي أثناء اجتماعهم في الدوحة، وطلبت رسمياً إدراج اسمها ضمن الموقعين على بيان التضامن مع قطر، في خطوة تهدف لتأكيد أن الهجوم لم يكن يستهدف السيادة القطرية بل الوجود العسكري الأمريكي على أراضيها. وأعرب عراقجي عن أسفه لوجود قواعد أمريكية في المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده لا تملك أي مشكلة مع الدوحة، وأن التمييز بين أمن الجيران والرد على التحركات الأمريكية هو ثابت أساسي في السياسة الإيرانية.
وعلى صعيد الملف النووي والعلاقة مع القوى الغربية، شن عراقجي هجوماً حاداً على الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، متهماً إياها بتعقيد المسار الدبلوماسي وتوجيه "ضربة قاصمة" للجهود الحوارية لا يمكن تعويضها بسهولة. ولفت إلى أن المرونة التي أبدتها طهران عبر الاتفاق الإطاري الذي وُقع بينه وبين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في القاهرة، كانت دليلاً ملموساً على حسن نية إيران، إلا أن هذا الإجراء قوبل بتجاهل تام من قبل الدول الغربية التي اندفعت نحو تفعيل آلية "سناب باك" وإعادة القرارات الدولية السابقة داخل مجلس الأمن.
واختتم وزير الخارجية الإيراني تصريحاته بالتحذير من أن اتفاق القاهرة لم يعد يتمتع بالفعالية المطلوبة في ظل التصعيد الغربي الأخير، مؤكداً أن طهران باتت مضطرة لإعادة النظر بشكل جذري في طريقة ونطاق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو قرار وصفه بأنه "سيحدث حتماً" رداً على التنصل من الالتزامات الدبلوماسية من قبل واشنطن وحلفائها الأوروبيين.